الأربعاء، 13 مارس 2019

روايات صلاة الرغائب

عدد روايات (صلاة الرّغائب)💠
ـــــــــــــــــــــــــــــ
✅ أنّ الرّوايات المُتوفّر في المقام أربع بحسب ما يُفصح عنه التّتبع، وهي:
✅ الرّواية الأولى :
رواية السّيد ابن طاووس (قده) (ت: 664 هـ)، قال في كتابه (الإقبال) : (وجدنا ذلك في كُتب العبادات مروياً عن النبي (ص) ، ونقلته أنا مِن بعض كتب أصحابنا (رحمهم الله)، فقال في جملة الحديث عن النّبي (ص) في ذكر فضل شهر رجب). [1]
✅الرّواية الثّانية: رواية العلاّمة الحلّي (قده) (ت: 726 هـ) ، قال في كتابه (منهاج الصّلاح) : (روى عمر بن شمر عن جابر بن يزيد الجعفي: أنّه يصوم أوّل خميس في رجب [إلى آخر الصّلاة]...ويسأل حاجته فإنّها تُقضى إنْ شاء الله).[2]
✅ تعليق وتوضيح على الرّواية الثّانية:
أنّ مدلول رواية جابر الجعفي (رض) مُردّد بين أمرين :
✅ الأوّل :
أنّها حكاية عن عمل يمارسه جابر الجعفي (رض) نفسه، ويظهر أنّه مُلتزم بهذا العمل بمقتضى أفعال المُضارعة في ألفاظ الرّواية (يصوم، يصلي،...إلخ).
✅ الثّاني :
أنّها نقل لقول جابر الجعفي (رض) الصّادر عنه في مقام تقرير عمل هذه اللّيلة.
وعلى كلا التّقديريْن فإنّ ما اشتملت عليه الرّواية يُمكن تقريب نسبته إلى المعصوم (ع) بأحد تقريبين :
✅ الأوّل :
بناءً على أنّ المحكي هو عمل جابر الجعفي (قده)؛ فإنّه مِن البعيد جِداً أنْ لا يكون مِن جملة ما تلقّاه عن المعصوم (ع)؛ إذْ مِن البعيد جِداً أنْ يتورط مِثل جابر الجعفي (قده) في الابتداع في الدّين، بعد كونه مِن الفقهاء والأعلام الرّؤساء المأخوذ عنهم الحلال والحرام، والفُتيا والأحكام، الذين لا يُطعن عليهم، ولا طريق إلى ذمّ واحد منهم، وهم أصحاب الأصول المدوّنة، والمصنّفات المشهورة، بشهادة الشّيخ المُفيد (قده)[3]، وكونه باباً للإمام الباقر (ع)، بشهادة السّيد ابن شهرآشوب (قده)[4]، ومن خواصّ أصحاب الإمام الصّادق (ع)، بشهادة الأخير أيضاً.[5]
✅ الثّاني :
بناءً على أنّ روايته مِن قبيل الموقوفات، فإنّ الكلام في حجيّتها طويل الذّيل؛ مُتشعّب الأطراف، وفيه أقوال واتجاهات[6]، إلاّ أنّه يُمكن القول: أنّه غير ضار مِن مِثل جابر الجعفي (رض)، لجلالة قدره وسموّ شأنه، فمثله لا يُحتمل فيه -عادةً- الابتداع في الدّين، بحيث يخترع هذه الصّلاة محضاً، ويُنشؤها مِن عنده إنشاءً!، فلا مناص من الالتزام بكونه تلقّاها من جهة الشّرع.
إلاّ أنّه يبقى الكلام فيمن أُخذت عنه هذه الصّلاة، ومِثل جابر الجعفي (رض) لا يأخذ دينه عن غير إمامه (ع)، ولو كان غير ذلك؛ فإنّه لا يُحتمل في مثله أنْ يأخذ ما لا ينتهي إلى الشّرع بما يشمله عنوان (البدعة)، وإنْ لم يكن مِن طريق الأئمّة (عليهم الصّلاة والسّلام)، وبذلك لا يخرج الأمر عن مُسمّى الرّواية عن الشّرع، فيكون مشمولاً بموضوع قاعدة التّسامح في أدلّة السّنن، أو رجاء المطلوبيّة، فتدبّر.
✅ إشكال ودفعه :
نعم، بقي شيء ربما يضرّ -بوجهٍ ما- فيما ذكرناه مِن الاستبعادات الآنفة بحقّ جابر الجعفي (رض) آنفاً، وهو اتّهامه بالاختلاط[7]، إلاّ أنّه غير ضار بعد كون المقصود مُجملاً[8] في نفسه، فتأمّل.
✅ الرّواية الثّالثة:
رواية العلاّمة الحلّي (قده) (ت: 726 هـ) أيضاً؛ في إجازته الكبيرة لبني زهرة، مُسندة إلى أنس بن مالك عن النّبي (ص)، ونقل العّلامة المجلسي (قده) هذه الإجازة بتمامها في قِسم الإجازات في آخر (البحار)[9]، والخبر عنها الشّيخ الحُر العاملي (قده) في (الوسائل)، قال العلاّمة الحلّي (قده) : (ومِن ذلك ذكر صلاة الرّغائب روى صفتها: الحسن بن الدربي،... -وساق إسناده- )[10].
✅ الرّواية الرّابعة:
والعجيب أنّي لم أجد مَن أشار إليها قبل ذلك!، وهي رواية السّيد علي بن الحسين بن حسان بن باقي القُرشي (قده) (كان حيّاً سنة: 653 هـ)، في كتابه (اختيار المصباح):
نقلها الشّيخ الكفعمي (قده) في (البلد الأمين والدّرع الحصين) : (ذكر ابن باقي (رحمه الله) في (اختياره) : أنّ النّبي (ص) قال: لا تغفلوا عن أوّل جمعة مِن رجب فإنّها ليلة تسمّيها الملائكة ليلة الرّغائب...إلخ)[11].
أمّا ابن باقي القُرشي (قده)؛ فقد قال عنه الميرزا عبدالله أفندي (قده) في (رياض العُلماء) : (الفاضل العالم الكامل المعروف...صاحب كتاب اختيار المصباح للشّيخ الطّوسي قدس الله روحهما...وهذا الكتاب كثير الاشتهار عند علماء بحرين، وهم يعملون بما فيه مِن الأدعية والأعمال)[12]، وقال: (له كتاب اختيار مصباح الشّيخ الطّوسي، مع ضم فوائد إليه، ومشهور...وكتاب تلخيص المصباح معروف العمل به في بحرين، مُعتبر عند علمائهم)[13].
✅ وقد قال العلاّمة المجلسي (قده) في (البحار) عند أنْ دعاء (الصّباح) عن كتابه (الاختيار) : (هذا الدعاء من الأدعية المشهورة، ولم أجده في الكتب المعتبرة إلا في مصباح السّيد ابن الباقي رحمة الله عليه)[14].
ـــــــــــــــــــــــــــــ
✅ المصادر :
[1] إقبال الأعمال للسّيد رضي الدّين علي بن موسى بن طاووس (قده) ص125 ، ط.مؤسّسة الأعلمي، الطّبعة الأولى: 1417 هـ، لبنان-بيروت.
[2] منهاج الصّلاح للعلاّمة الحلّي (قده) ص457.
[3] جوابات أهل الموصل في العدد والرّؤية للشّيخ المفيد (قده) ص25 وص35.
[4] مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب (قده) ج3 ص340.
[5] مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب (قده) ج3 ص400.
[6] لاحظ مثلاً: قواعد الحديث للمُحقّق السّيد مُحيي الدّين الغُريفي (قده) ص226-229.
[7] فهرست الشّيخ النّجاشي (قده) ص128 برقم:. 332.
[8] راجع معاني الاختلاط في: الفوائد الرّجاليّة للكجوري الشيرازي (قده) ص120-121 ، توضيح المقال للملا علي كني (قده) ص212، منتهى المقال للحائري (قده) ج1 ص120، عدّة الرجال للكاظمي (قده) ج1 ص194، الرّسائل الرّجاليّة للمُحقّق الكلباسي (قده) ج3 ص386 وما بعدها، مقباس الهداية ج2 ص302-303. نهاية الدّراية ص436-437، سماء المقال ج2 ص285.
[9] بحار الأنوار للعلاّمة المجلسي (قده) ج104 ص123-126.
[10] وسائل الشّيعة للشّيخ الحُر العاملي (قده) ج8 ب6 ص98-99 ح 10172 ، من (أبواب بقيّة الصّلوات المندوبة).
[11] البلد الأمين والدّرع الحصين للشّيخ الكفعمي (قده) ص196-170.
ونقلها (قده) في (المصباح) أيضاً، ولكن مِن غير نسبة إلى مصدرها.
كما أنّه تصرّف في ألفاظها، حيث نقلها بصيغة التّعليم، لاحظ: المصباح (=جنة الأمان الواقية وجنة الايمان الباقية) للكفعمي (قده) ص526.
وإنْ ذكر (الإقبال) ضِمن قائمة المصادر التي رجع إليها في تصنيف كتابه (المصباح)، لاحظ: ص771.
[12] رياض العُلماء للميرزا عبدالله الأفندي (قده) ج3 ص419.
[13] رياض العُلماء للميرزا عبدالله الأفندي (قده) ج6 ص10.
[14] بحار الأنوار للعلاّمة المجلسي (قده) ج84 ص342، وج91ص246.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لقراءة الموضوع
🌙مُنْيَة الرّاغب في دفع الإشكال عن (صلاة الرّغائب)🌙
📝مُطالعة نقديّة في إشكالات سماحة السّيد مُرتضى المُهري (حفظه الله)
📎~| الحلقة: 1 من 3 |~
✏بقلم/ الشّيخ جابر جوير

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق